دلالات تقديم الإسناد وتأخيره في شعر بشار بن برد وأبي العتاهية

الملخص

الرتبة إحدى القرائن اللفظية التي تحدد الموقع الوظيفيّ للكلمة في الجملة، فيقال: رتبةُ الفاعل أن يتقدَّمَ على المفعول، ورتبة المفعول أن يتأخر عن الفاعل، ورتبة المبتدأ التقدُّم على الخبر، ورتبة الخبر التأخُّر عن المبتدأ؛ فإذا تقدَّمت الكلمة في الجملة بحسب الرتبة المقررة، قيل حينئذٍ: إنَّها متقدمةٌ في الرتبة، وإذا تأخَّرت قيل: متأخرة في الرتبة.

وتتميز العربية بهذه الظاهرة التي تعدُّ إحدى الظواهر الأسلوبية التي تعكس مرونةً في الاستعمال، وقدرةً على إيصال الرسالة على وجهٍ أتمَّ وأجمل، وهذا التغيير في نظامِ التركيب ليس عارضاً، بل هو أمرٌ مطَّرِدٌ مرتبطٌ بالأغراض والدلالات، فالترتيب في النحو تحكمه أصولٌ وقواعد؛ منها ما هو محفوظٌ لا يمكن مخالفته، ومنها ما هو غير محفوظ، ويمكن الخروج عنه في حدود الصواب لتحقيق أغراضٍ ودلالاتٍ إضافية، لا يبرزها الترتيب الأصلي لمكونات الكلام، ولذلك كانت الرتبة قرينةً لفظيَّةً في الكلام، وعلاقةً تراتبية بين عنصرين من عناصر السياق، يشهد موقع كلٍّ منهما على معناه من خلال التجاور