جمالُ الرّياضِ في الشّعرِ الجاهِلِيّ بينَ الوَثائقيّةِ والتَّخييل
الكلمات المفتاحية:
الرياض، الوثائقيّة، التخييلالملخص
إنّ التعبيرَ الشعريَّ هو التعبيرُ الفنيُّ الإبداعيُّ الذي يفرضُ نفسَه على الشاعر للتعبير عن لحظةٍ نفسيّةٍ انفعالية، وحالةٍ وجوديّة، وموقفٍ جماليٍّ معيّن، وهو يعبّرُ عن ذلك كلّه في حالة من الانسجام والتناغم، والشاعر المُبدّع في أثناء ذلك لا يُجلّي لوحاتِه الفنيّةَ أمامنا كما هي في الطبيعة والواقع تماماً، بل غالباً ما يُدخِلها في شبكة جديدة من العلاقات، ومن ثمَّ يغدو تعبيرُه الجماليّ تعبيراً عن الذّات والوعي الجمالي في مرحلة من مراحل تطور هذا الوعي مُعتَمِداً على الوثائقيّة والتخييل معاً. وإذا اشترك الشعراء في ثروة الواقع لأنّ أدواته واحدة فقد اختلفوا في التّخييل؛ فالتّخييلُ هو ما يكسِبُ النّصَّ الخصوصيّةَ المُمَيّزة، وتعود هذه الخصوصية إلى اختلاف اللحظة الشعورية التي تُحدِّد مسار التخييل بما ينسجم تماماً مع الموقف النفسيّ والحالة الشعوريّة والموقف الجماليّ للشاعر، ورغبته في إثارة انفعال المتلقي، وجرّه إلى أُتون حالته الشعورية. وقد كانت الرّياض الجميلة مثالاً مُمَيَّزاً وميداناً خصباً لتوضيح هذه القضيّة، إذْ كان الشاعرُ الجاهليّ ينتقي من واقعه ما يناسبُ موقفه الجماليّ وحالته الشعوريّة، ثم يستلهمُ من خياله، ويَبتَكِرُ، ويُؤَلِّفُ، ويَجمَعُ، ويُنَظِّمُ، وهو في أثناء ذلك ينسجُ معطيات الواقع الوثائقيّة والخيال نسجاً متناغماً في لوحة واحدة متضافرة متكاملة للتعبير والتأثير.